سورة الزخرف - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزخرف)


        


{الأخِلاءُ} على المعصية في الدنيا، {يَوْمَئِذٍ} يوم القيامة، {بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ} إلا المتحابين في الله عز وجل على طاعة الله عز وجل.
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أخبرني عقيل بن محمد بن أحمد، أن أبا الفرج البغدادي القاضي أخبرهم عن محمد بن جرير، حدثنا ابن عبد الأعلى، عن قتادة، حدثنا أبو ثور عن معمر عن قتادة عن أبي إسحاق أن عليًا قال في هذه الآية: خليلان مؤمنان وخليلان كافران، فمات أحد المؤمنين فقال: يا رب إن فلانًا كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك، ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر، ويخبرني أني ملاقيك، يا رب فلا تضله بعدي واهده كما هديتني وأكرمه كما أكرمتني، فإذا مات خليله المؤمن جمع بينهما، فيقول: ليثن أحدكما على صاحبه، فيقول: نعم الأخ، ونعم الخليل، ونعم الصاحب، قال: ويموت أحد الكافرين، فيقول: يا رب إن فلانًا كان ينهاني عن طاعتك وطاعة رسولك، ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير، ويخبرني أني غير ملاقيك، فيقول بئس الأخ، وبئس الخليل، وبئس الصاحب.
{يَا عِبَادِ} أي فيقال لهم: يا عبادي، {لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} وروي عن المعتمر بن سليمان عن أبيه قال: سمعت أن الناس حين يبعثون ليس منهم أحد إلا فزع، فينادي مناد: {يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون} فيرجوها الناس كلهم فيتبعها: {الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ} فييأس الناس منها غير المسلمين فيقال لهم: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ} تسرون وتنعمون.
{يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ} جمع صحفة وهي القصعة الواسعة، {مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ} جمع كوب وهو إناء مستدير مدور الرأس لا عرى لها، {وَفِيهَا} أي في الجنة، {مَا تَشْتَهِيهِ الأنْفُسُ} قرأ أهل المدينة والشام وحفص: {تشتهيه}، وكذلك في مصاحفهم، وقرأ الآخرون بحذف الهاء. {وَتَلَذُّ الأعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة، أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث، أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي، أخبرنا عبد الله بن محمود، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن عبد الرحمن بن سابط قال: قال رجل: يا رسول الله أفي الجنة خيل؟ فإني أحب الخيل، فقال: «إن يدخلك الله الجنة لا تشاء أن تركب فرسًا من ياقوتة حمراء فتطير بك في أي الجنة شئت، إلا فعلت»، فقال أعرابي: يا رسول الله أفي الجنة إبل؟ فقال: «يا أعرابي إن يدخلك الله الجنة أصبت فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك».


{وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ} وفي الحديث: «لا ينزع رجل من الجنة من ثمرة إلا نبت مكانها مثلاها».
{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ} المشركين، {فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ وَنَادَوْا يَامَالِكُ}. يدعون خازن النار، {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} ليمتنا ربك فنستريح فيجيبهم مالك بعد ألف سنة، {قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} مقيمون في العذاب.
أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي توبة، أخبرنا محمد بن أحمد بن الحارث، أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي، أخبرنا عبد الله بن محمود، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة يذكره عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أهل النار يدعون مالكًا فلا يجيبهم أربعين عاما، ثم يرد عليهم إنكم ماكثون، قال: هانت- والله- دعوتهم على مالك وعلى رب مالك، ثم يدعون ربهم فيقولون: {ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قومًا ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون}، قال: فيسكت عنهم قدر الدنيا مرتين، ثم يرد عليهم: {اخسؤوا فيها ولا تكلمون}، قال: فوالله ما نبس القوم بعدها بكلمة، وما هو إلا الزفير والشهيق في نار جهنم»، فشبه أصواتهم بأصوات الحمير، أولها زفير وآخرها شهيق.


{لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ} يقول أرسلنا إليكم يا معشر قريش رسولنا بالحق، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ}.
{أَمْ أَبْرَمُوا} أم أحكموا {أَمْرًا} في المكر برسول الله صلى الله عليه وسلم، {فَإِنَّا مُبْرِمُونَ} محكمون أمرًا في مجازاتهم، قال مجاهد: إن كادوا شرا كدتهم مثله.
{أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ} ما يسرونه من غيرهم ويتناجون به بينهم، {بَلَى} نسمع ذلك ونعلم، {ورسلنا} أيضًا من الملائكة يعني الحفظة، {لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ}.
{قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} يعني إن كان للرحمن ولد في قولكم وعلى زعمكم، فأنا أول من عبده فإنه واحد لا شريك له ولا ولد. وروي عن ابن عباس: {إِنْ كَانَ} أي ما كان للرحمن ولد، فأنا أول العابدين الشاهدين له بذلك، جعل: {إن} بمعنى الجحد.
وقال السدي: معناه لو كان للرحمن ولد فأنا أول من عبده بذلك، ولكن لا ولد له.
وقيل: {العابدين} بمعنى الآنفين، أي: أنا أول الجاحدين والمنكرين لما قلتم.
ويقال: معناه: أنا أول من غضب للرحمن أن يقال له ولد، يقال: عبد يعبد إذا أنف وغضب.
وقال قوم: قل ما يقال: عبد فهو عابد، إنما يقال: فهو عبد.
ثم نزه نفسه فقال: {سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} عما يقولون من الكذب.
{فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا} في باطلهم، {وَيَلْعَبُوا} في دنياهم، {حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} يعني يوم القيامة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7